بِسْم الله الرحمن الرحيم

2014-09-29

حكاية ما بعد النوم ٢ -٢

وكما اتفقا الصديقين انطلقا مع انطلاقة الطيور في الصباح الباكر متجهين الى المارد قال أصيل لو كان مشوارك هذا بلا فائده ستنال مني ضربً مبرحاً يا صديقي لقد حرمتني لذة النوم بالأمس و ايقضتني مبكراً في يوم إجازتي اكتفى ربيع بإبتسامه بارده دون أن يقول شيء نظر أصيل من النافذة متعجباً معالم مدينته الحضارية بدأت في التناقص حتى أنواع المركبات التي تشاركهم الطريق تتغير أنهم يغادرون المدينة أنعطف ربيع بسيارته الى احد المخارج المكتوب عليها المدينة الصناعية زادت الحيره  التفت أصيل و خرج من صمته و قال هل فهمت قصدي بالأمس يا ربيع كنت اقصد كتب نادره ليست قطع غيار نادرة!! ضحك ربيع و قال كتبك النادرة هنا لا تستعجل
تحول الطريق من شارع متطور الى أمواج ترتطم بهم من كثرة وعارة الطريق و أصبحت مركبتهم رباعية الدفع الى مركبة متناهية الصغر مقارنه بالشاحنات و المعدات الثقيلة التي شاركتهم الوجهه حتى وصلا الى سور كبير طوله تعدى حدود البصر علق على بوابته لوحه من المعدن كتب عليها بخط اليد مؤسسة أبو عبد الرزاق للمقاولات و كأنها لوحة تجاريه من حقبة السبعينات اخرج ربيع هاتفه النقال و اتصل ( مرحباً يا أبا عبد الرزاق نحن أمام البوابة و معي الضيف الذي أخبرتك عنه بالأمس ) وماهي إلا لحظات و فتحت البوابة و دخلنا و إذ بتلك المعدات و الناقلات العملاقة و عدد لا يحصى من العمال الذين يعملون بكل جد ناهيك عن الغبار المتناثر في الهواء كانه ضباب قد غزا المكان توقفا الصديقين قرب مبنى متواضع في وسط المنطقة و بمجرد نزولهم و إذ بتلك الزمجرة تخترق أذنيهم الصادرة من ذلك الرجل ضخم البنيه رث المظهر اسمرت بشرته من الشمس و العرق يتصبب منه بغزارة و رأينا العمال يرتجفون خوفاً منه و بمجرد أن التفت هذا الوحش البشري تغيرت ملامح وجهه المرعبه الى ملامح طفولية يعلوها ابتسامه يستحيل الشك أنها ليست من القلب اقبل علينا مسرعاً فرحاً بقدومنا و صافحنا بحرارة بيده الخشنة القوية و كانه هو الشاب و نحن كبار السن أدخلنا الى مكتبه البسيط الخالي من التقنية الحديثة تعلوه الأوراق المتناثرة و مكتبه صغيره بها العديد من الملفات السوداء و في يسار المكتب قاعة الاجتماع التي تدار فيها الصفقات عبارة عن جلسه أرضيه يتوسطها دلة من القهوة العربية و بعض التمر جلسنا و بدا يغدق علينا بالقهوة و يحكي لي عن صديقي ربيع و كيف التقيا أصابني الملل الشديد لأكن صديقي ربيع كان مسروراً بالحديث نكزته حتى يتحدث عن مبتغانا بأسرع وقت لقد ضاقت نفسي من كل شيء في هذا المكان فهم ربيع أن صديقه قد نفذ صبره و بداء في التحدث عن مبتغاهم و كان الغول الضخم يسمع بكل تركيز كان ربيع يسرد عليه أسماء الكتب و أهميتها و يهز أبو عبد الرزاق مؤكداً انه يعلم بما يقول زادت الحيره لدي فشكل هذا الرجل لا يمت بأي صله بالعلوم التطبيقية و التاريخ القديم سوى انه قديم مثلها و كأننا امتطينا آلة للزمن اعادتنا عشرون سنة و قادتنا اليه ضحك أبو عبد الرزاق و هو يلتفت الي و قال أبشر بمرادك سأترككم بعض الوقت لادير بعض الأمور و ننطلق بعدها مرت ساعه و أنا في صمت أعيد و أحلل الأحداث التي مررت بها و صديقي بكل برود يلعب في محمولة احد ألعابه المفضلة رجع الرجل و قال هيا بنا ركب معانا و اخرج محموله يخبر ابنه عبدالرزاق أنهم قادمون الى البيت لم اكن أتوقع أن مجرد إخباره بأننا قادمون سوف نجد مقدار الكرم و الحفاوه التي وجدناها عادت معالم المدينة مره أخرى حتى وصلنا الى ذلك المنزل الجميل و أبنائه الثلاثه يستقبلونا بكل حفاوه و ترحيب و كأننا نعرفهم منذ زمن أدخلنا ابنه عبد الرزاق الى مجلسهم الذي يساوي في حجمه ثلاثه من مجالسنا استاذنا الأب ليغتسل لم تهداء عيناي من الاتفات يمنه و يسره من جمال المنزل و روعة اثاثه لأكن الذي لفت انتباهي أكثر انتشار للوحات التشكيلية في أرجاء المنزل و بعض التحف العتيقة كيف هذا كيف لهذا الغول أن يكون ذواق لهذه الدرجة أنني أعيش مزج من الخيال يصعب علي تصديقه دخل علينا أبو عبد الرزاق بحله أخرى غير التي رأيته عليها كان يرتدي ثوب ابيض ينصع بالبياض و كوفيه بسيطه يضعها على رأسه و رائحة العطر الجميلة الممتزجه بعبق البخور كثرت الاسأله و لم اجد أجابه واحده تريحني لم اجد يوماً تناقض مثل الذي أنا فيه
مر على جلوسنا ساعتان دون أن نشعر بها كان هذا الرجل الغريب لا يمل من كلامه و نكته التي كان يلقيها على نفسه و أبنائه الثلاثه وكان يسألني عن الجامعه و ميولي الأدبية و هواياتي بكل فضول و كل ما اجيبه باجابه يحبها اشعر و كأني اعطيته جرعه عاليه من هرمون السعادة أشار أبو عبد الرزاق الى ابنه الأوسط احمد فقفز مسرعاً ذهلت من لغة الشاره بينهم و ما هي إلا دقئق و عاد الابن في يده مفتاح ذهبي سلمه أباه و غادروا المكان منسحبين بكل أدب قام الأب و طلب منا اللحاق به نزلنا الى قبو متصل بالمنزل مباشره  حتى وصلنا و أضاء المصابيح صعقت بما شاهدته انه يمتلك مكتبة تفوق أي مكتبة زرتها من قبل انطلقت بلا أستاذان أتجول و أتصفح الأقسام كل شيء مرتب و منظم بإتقان و ما زادني ابهاراً تلك الكتب التي كدت افقد آملي في إيجادها صرخت بأعلى صوتي و أنا أمسك أحدها لم اكن أعي ما اصنع ضحك أبو عبدالرزاق من ما شاهده مني و قال لم أرى شخصاً يفرح بكتاب مثلك فقدت النطق لهوله لم استطع أن اعبر أو أفسر ما حدث ان ما يحدث حلم انه يملك كنزاً قومياً لا يقدر بثمن  هذا و ربيع يبتسم بكل هدوء و قال لا ألومك لقد دهشت مثلك عندما أتيت هنا أشار أبو عبد الرزاق الى طاوله تتوسط المكتبه و قال أترككم مع حبيباتي بعض الوقت و أعود مجرد ان أغلق الباب قفزت على ربيع أقبله و احضنه و أنا أردد كل صيغ الاستفهام و التعجب جلسنا نتجول في أرجاء المكتبه الراقية نتصفح كتبها و مخطوطاتها و بعض اللوحات لفنانين من شتى العالم قلت من يملك القدر الهائل من هاذه الكتب لا يقل علمه عن لقب بروفيسور ضحك ربيع و اجاب اجابه لم تزدني إلا حيره انه يا صديقي لم يتجاوز في تعليمه المرحلة الابتدائية !!
يتبع بإذن الله

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف30/9/14 1:12 ص

    جميل ان نجد انسان بسيط في تعليمه ولكنه محب للكتب و العلوم
    تعودنا ان نقيم الناس من خلال شهاداتهم العلمية ولكن يبدو ان ماردك يا وليد لایعجبه هذا التصنيف فأراد ان يصحح لنا مفاهيمنا
    سانتظر الحلقات القادمة بشغف ...

    سمرمر العمري

    ردحذف